الاتجاهـات البحثيـة العربيـة والأجنبيـة فـي مجـال العلاقات العامة الرقمية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس بقسم العلاقات العامة والإعلان، کلية الإعلام – جامعة القاهرة.

المستخلص

استمرت إشکالية التصميم الکمي في مقابل الکيفي حاضرةً بوضوح في التراث العلمي للدراسة الحالية، واستمر الجدل بين الباحثين في المدرستين العربية والأجنبية حول القضايا البحثية المرتبطة بالميديا الحديثة والبناء المنهجي المحکم والأدق لاختبارها؛ وتؤکد نتائج التحليل ما أوضحته الدراسات العربية السابقة من غلبة التصميمات الکيفية على الدراسات الأجنبية، في مقابل اعتماد الباحثين العرب على المنهج الکمي وعدم توظيف المنهج الکيفي إلا في نطاق محدود، ومن ناحية أخرى ظهرت في العديد من الدراسات الأجنبية وبعض الدراسات العربية تصميمات منهجية تمزج بين المنهجين الکمي والکيفي.
وتحاول الدراسة الحالية تقديم رؤية تحليلية لتطور البنى المنهجية لدى الغربيين، استناداً لدراسة أبحاثهم عينة التحليل.
شهدت بداية العقد الماضي تفوق المنهج الکمي في الدراسات الغربية للجمهور وللاتصال عبر الوب، وبحدوث التطور في الميديا الحديثة، وتحول الاتجاهات البحثية نحو مرحلة النضج، حدث تحولاً تدريجياً في الفکر المنهجي لدى الباحثين الغربيين؛ حيث اعتمدت الکثير من البنى المنهجية على المزج بين المنهجين الکمي والکيفي.
ثم تحول الباحثين من المدارس الفکرية المختلفة نحو الترکيز على المنهج الکيفي منذ منتصف العقد الماضي تقريباً.
غلبت الطبيعة الاستکشافية والوصفية على بيانات الدراسات عينة التحليل، ويمکن حصر أهم المناهج البحثية التي استخدمتها الدراسات العربية والأجنبية عينة التحليل کما يلي:
×    منهج تحليل المضمون.
×    منهج المسح.
×    منهج تحليل الخطاب.
×    المنهج التجريبي.
×    المنهج الکيفى (دراسة الحالة ومناقشات المجموعة المرکزة).
منهج تحليل المضمون جاء في مقدمة المناهج البحثية المستخدمة نظراً لاعتماد دراسات تحليل مواقع الوب ومواقع التواصل الاجتماعي عليه، وتغلب هذه الدراسات على عينة التحليل بصورة واضحة.
کما جاء منهج المسح في نفس المرکز تقريباً نظراً لانتشار دراسات الجمهور بدرجة کبيرة سواء في الدراسات الأجنبية أو العربية.
وانتشر المسح عبر الإنترنت والوب بدرجة واضحة في الدراسات الأجنبية وبدرجة محدودة في الدراسات العربية On-line Survey - web Survey
وانتشرت الاستبانة الالکترونية کأداة لجمع البيانات من مواقع الوب ومواقع التواصل الاجتماعي، کما اعتمدت الدراسات على أساليب جمع البيانات التقليدية متمثلة في المقابلات الشخصية وصحف الاستقصاء التي يکملها المبحوث.
وظهرت مجموعات المناقشة المرکزة والمقابلات المتعمقة ضمن أساليب جمع البيانات الکيفية، واعتمدت العديد من الدراسات الأجنبية على أسلوب دراسة الحالة أو الحالات؛ بينما ندر استخدام هذا الأسلوب في الدراسات العربية.
وأظهرت نتائج التحليل ندرة واضحة في استخدام المنهج التجريبي في الدراسات الأجنبية، ولم توجد دراسة عربية واحدة اعتمدت على المنهج التجريبي في عينة التحليل، ولم يظهر منهج تحليل الخطاب إلا في دراسة عربية واحدة.
ووظفت نسبة کبيرة من الدراسات الأجنبية أکثر من منهج، کما اعتمدت على المزج بين أدوات جمع البيانات الکمية والکيفية.
بالرغم من التنوع في الاتجاهات والقضايا البحثية التي تمثل جزءً هاماً من التراث العلمي لمجال العلاقات العامة الرقمية؛ أغفلت الدراسات العربية والأجنبية بعض القضايا البحثية الهامة.
ويأتي في مقدمتها التحول نحو الاستخدام المهني والاحترافي لشبکات التواصل الاجتماعي وتقييم نمط الاستخدام الکيفي في مقابل الکمي.
وندرت الدراسات الأجنبية التي عالجت قضية هامة هي تقييم جودة وتأثير مصادر الرسالة عبر الميديا الحديثة. وبالرغم من حداثة هذا الطرح وقيمته؛ فقد أغفلته المدرسة البحثية العربية تماماً ولم توليه الدراسات الأجنبية الاهتمام الواجب. ولم يوجد في الدراسات عينة التحليل دراسة عربية تختبر استخدام وکالات العلاقات العامة المصرية أو الدولية لشبکات التواصل الاجتماعي ودوافع الاستخدام.
رکزت الدراسات الأجنبية على استخدام الجمهور الداخلي لمواقع التواصل الاجتماعي للمنظمة، وجاء ذلک على حساب دراسة استخدامات مجموعات المصالح الأخرى. وربما يفسر ذلک اهتمام الباحثين باتصالات المنظمة ممثلة في الاتصالات الداخلية بصورة أساسية.
اهتم بعض الباحثين الغربيين بإسهام تکنولوجيا الاتصال الحديثة في تطوير نظرية العلاقات العامة([i]). وتوصل الباحثون في هذا الاتجاه إلى أن الدراسات التطبيقية والدراسات الخاصة بالمدرکات تفوق الإسهامات النظرية والفکرية، واقترحوا مجالات متعددة لبناء النظرية.
وباستعراض النتائج تشير الدراسة الحالية إلى أن غالبية الدراسات عينة التحليل لم تسهم في تطوير نظرية العلاقات العامة. ومنطقياً أن تثير المدرسة الغربية هذه القضية نظراً لکون الأطر النظرية في المجال إنتاجاً غربياً وغالباً أمريکياً؛ أما المدرسة العربية فلم نقف کثيراً عند هذه القضية بالرغم من رصدنا عدم إنتاج أطراً نظرية حديثة واستناد الدراسات عينة التحليل إلى الأطر التقليدية أو إلى أطر تم تطويرها دون إضافة علمية حقيقية.
وتجدر الإشارة إلى أن نظرية الاتصال الحواري (Kent Michael, and Taylor Maureen, 1998) تمثل أهم الأطر النظرية التي أنتجتها المدرسة الأمريکية والتي استند إليها نسبة کبيرة من الباحثين من مدارس فکرية مختلفة.
ووجدت الدراسة الحالية امتداداً للاتجاه البحثي الخاص بدراسات الاتصال الحوارى، من خلال دراسات تختبر کيفية تفعيل العلاقات العامة الحوارية وتوظيف الحوار بين المنظمة ومجموعات المصالح لدعم "ديمقراطية الاتصال" عبر الميديا الحديثة.
وطور هذا المفهوم فريق بحثي أمريکي بقيادة مايکل کنت مؤسس النظرية الحوارية ليبدأ المفهوم في الظهور في الدوريات الأکاديمية الأجنبية بدءً من عام 2013. ومن ثم نجد استمراراً للتنظير في نفس الإطار النظري دون ظهور إطاراً نظرياً حديثاً في الدراسات عينة التحليل.
ولم ينتج التراث العلمي المصري أطراً نظرية في مجال العلاقات العامة الرقمية. وتتوقف الدراسة عند مرحلة رصد الظاهرة وتوصيفها؛ لأن تفسيرها يحتاج إضافة لتحليل الدراسات السابقة إلى جمع بيانات کيفية من أساتذة وخبراء العلاقات العامة من الأکاديميين إضافة للباحثين المصريين في مجال العلاقات العامة الرقمية، ويتطلب ذلک توظيف أساليب کيفية متنوعة.
وتجدر الإشارة لبعض الأخطاء المنهجية التي ظهرت في عينة التحليل.
تصميم مقياس لقياس ارتباط مجموعات المصالح بالمنظمة باستخدام مقياس الاتصال ثنائي الاتجاه، ويتمثل الخطأ في عدم قياس الارتباط بمقياس الاتصال التفاعلي، واستخدام مقياس خاطئ هو الثنائي الاتجاه من مقاييس الاتصال التقليدي وليس من مقاييس اتصال الشبکات کما وصفته الدراسة. واللافت أن هذه الدراسة منشورة عام 2015.
ومن الأخطاء المنهجية التي ظهرت في بعض الدراسات العربية عينة التحليل عدم التمييز بين أنواع الدراسات التحليلية (تحليل التحليل: Meta Analysis وهو تحليل کمي، والتحليل من المستوى الثاني: Secondary Analysis) وهو تحليل کيفي، وأحياناً يکون الخطأ في الترجمة هو السبب فى عدم التمييز بين المناهج التحليلية المختلفة.


 

الكلمات الرئيسية