أخلاقيات ممارسة الحق في النقد داخل الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية على شبکة الانترنت:

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بکلية الآداب – جامعة المنيا.

المستخلص

المتابع والراصد لمواقع الحرکات الاحتجاجية على شبکة الانترنت خاصة في الفترة التى أعقبت نجاح ثورة 25 يناير 2011, يلحظ وجود اختلافات کبيرة بين هذه المواقع في الأطروحات الناقدة في خطابها الإعلامي, وفقاً لتوجهها السياسي أو أهدافها ودواعي نشأتها، وهى اختلافات يمکن تفسيرها في ضوء افتقاد الخطاب الإعلامي في کثير من الأحيان للالتزام بالمبادئ الأخلاقية، وأخلاقيات النقد التي نصت عليها مواثيق الشرف الإعلامي.
وفي ضوء الاهتمام المتزايد بالدراسة المتعمقة والمستمرة للرسالة الإعلامية عبر شبکة الإنترنت، وفي ضوء زيادة مواقع الحرکات الاحتجاجية، وبروز دورها في تنامي ظاهرة الاحتجاجية الشعبية، وتعاظم نتائج الاحتجاجات إلى أن وصل الأمر لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى وتغيير نظام الحکم والإحاطة بنظام (الإخوان المسلمين)، وفي ضوء ذلک کله تکمن مشکلة الدراسة في التحليل المقارن للخطاب الإعلامي لعينة من المواقع الالکترونية للحرکات الاحتجاجية، للتعرف على مواقفها تجاه القضايا المطروحة في الخطاب، والتصورات التى قدمتها للقوى الفاعلة، والاستراتيجيات والأساليب الإقناعية المستخدمة.
کما تسعى الدراسة الى تحليل العلاقة بين القضايا المطروحة في الخطاب من ناحـية وأشـکال الخـروج على أخـلاقيات النقـد وفق مواثيق الشرف الإعلامي من ناحية أخـرى، وذلک في إطار نظريتي التحليل النقدي للخطاب الإعلامي وتحليل الأطر الإعـلامية، وکـذلک في إطار النتائج التى انتهت إليها الدراسات السابقة ذات الصلة.
ويمکنا استعراض أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة علي النحو التالي:
- تنوعت المداخل الموضوعية التي اعتمد عليها خطاب الحرکات الاحتجاجية الثلاثة موضع الدراسة، وکان المدخل الحکائي أکثر المداخل استخداماً ثم المدخل الذي يعتمد علي إبراز التناقض.
- شکلت القضايا السياسية المساحة الأکبر التي اهتم بها الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية، وبفارق ملحوظ عن القضايا الأخرى ، وهذا يرجع إلى أن الفترة الزمنية للدراسة شهدت الکثير من الأحداث السياسية المهمة، تلاها القضايا الأمنية ثم الاقتصادية.
- تصدر إطار الثورة الأطر الإعلامية المستخدمة داخل الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية، وإن اختلفت دلالات توظيف هذا الإطار بين الحرکات الثلاثة وفقاً للتوجه السياسى لکل حرکة وأهدافها ودواعي إنشائها، وفى المرتبة الثانية جاء الإطار الأخلاقي والإنساني، ثم إطار الاحتجاجات السلمية.
- انصب توظيف الاستراتيجيات بالدرجة الأکبر على إستراتيجية الهجوم والانتقاد ، التى تم توظيفها بفارق نسبى ملحوظ عن باقى الاستراتيجيات المستخدمة، فکان الهجوم والانتقاد هو الأبرز فى الخطاب فى ظل معالجة الموضوعات المختلفة، فکل توجه سياسي يهاجم وينتقد الآخر لإظهار ضعف موقفه، ثم تم توظيف إستراتيجية الشرح والتفسير، ثم إستراتيجية التلويح بالعنف.
- کان الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية کثيراً ما يتجاوز آداب وأخلاقيات المهنة، حيث تعددت أشکال الخروج على أخلاقيات النقد داخل الخطاب, وتمرکزت في عدم توثيق المعلومات وعدم التوازن في الترتيب الأول، ثم التحريض والتهويل، فالطعن فى الهوية، فالاهانة، وأخيراً عدم مراعاة الآداب والأخلاقيات العامة.
- وظف الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية أساليب عاطفية وأخرى منطقية من أجل إقناع الجمهور بالخطاب، وکان وصف الأحداث والمشاهد هو أکثر الأساليب العاطفية استخداماً، وکان الاستشهاد بالمعلومات هو أکثر الأساليب المنطقية.
- تنوعت مصادر مادة الخطاب الإعلامي ما بين مصادر رسمية وغير رسمية ومصادر إعلامية، وتصدرت المصادر غير الرسمية هذه المصادر.
- تصدر الجمهور العام القوى الفاعلة المرتبطة بالطرح النقدي داخل الخطاب الإعلامي، ثم شباب الثورة، ثم الإخوان المسلمون.
- توصلت الدراسة إلي وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين المواقع الالکترونية للحرکات الاحتجاجية فيما يتعلق بکل من: القضايا المطروحة داخل الخطاب الإعلامي، الأطر الإعلامية، والقوي الفاعلة، والاستراتيجيات الإعلامية المستخدمة داخل الخطاب، وبالتالي ثبتت صحة الفرض الأول والثاني والثالث والخامس.
- ثبتت صحة الفرض الرابع جزئياً الخاص بوجود فروق ذات دلالة إحصائية من المواقع الالکترونية للحرکات الاحتجاجية فيما يتعلق بأشکال الخروج على أخلاقيات النقد، وکذلک ثبتت صحة الفرض السادس جزئياً الخاص بوجود علاقة ارتباطية دالة بين القضايا المطروحة فى الخطاب الإعلامي للحرکات الاحتجاجية وأشکال الخروج على أخلاقيات النقد.
ونخلص من ذلک إلي أن عدم الالتزام بضوابط المهنة، ومبادئ الاحترافية في العمل الإعلامي يؤدي إلي ضعف الخطاب وغياب الرؤية العلمية في معالجة موضوعاته، ويجعل الخطاب لا يبرهن علي قيم وأفکار معينة، وربما يعاني من تناقضات في أطروحاته ومضامينه.  
فهذه النتائج تؤکد أن الجمهور المصري فى حاجة لمعرفة متعمقة وفهم واعي يمکنه من تکوين بناء معرفي، وتکوين آراء موضوعية خاصة مع انخفاض مستوى الالتزام الاخلاقى لدى الحرکات الاحتجاجية فى نقد القضايا المختلفة سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو غيرها، وکذلک مع تناقض الخطاب الاعلامى ما بين الحرکات الاحتجاجية وفق توجه کل حرکة والأهداف التى تسعى لتحقيقها.

الكلمات الرئيسية