المعايير المهنية الحاکمة للتغطيات الإخبارية لأحداث الإرهاب في الصحف المصرية:

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الصحافة المساعد، بکلية الإعلام - جامعة القاهرة

المستخلص

سعت هذه الدراسة للکشف عن طبيعة المعايير المهنية الحاکمة لنشر أخبار الأحداث الارهابية من خلال تحليل مضمون عينة من هذه التغطيات فى صحف الأهرام والوفد والشروق،وکذا اجراء عدة مقابلات مع عينة من القائمين بالاتصال المعنيين بتغطية هذه الأحداث فى صحف الدراسة للکشف عن الضغوط التى تواجههم فى التعاطى المهنى مع هذه الأحداث ،فى ضوء ذلک يمکن بلورة مجموعة من النتائج العامة على النحو التالى :
1-    تکشف النتائج عن أن الظرف السياسى والأمنى والسياق الزمنى الذى تمر به مصر فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 يمارس تأثيرا واضحا فى تشکيل سياق الممارسة الصحفية وتحديد اليات التعاطى المهنى والأخلاقى مع هذه الممارسة وطرح منظومة القيم التى ينبغى التمسک بها فى اطار ما ترفعه الدولة من شعارات تحقيق الاصطفاف الوطنى والحرب على الارهاب .
فى هذا السياق يزداد الدور الدعائى لصحف الدراسة على حساب الدور المهنى، ويقل التباين فى تغطية الأحداث الارهابية رغم اختلاف انماط الملکية وسياسات التحرير فيبدو الأمر وکأنه اتفاق ضمنى بين هذه الصحف على صيغة متشابهة للتعامل مع هذه الأحداث بما يکرس لسياسة الاصطفاف ويدعم منطق الحرب على الارهاب ويضمن فى الوقت نفسه  – حسبما تشير نتائج دراسة القائمين بالاتصال-عدم التعرض للاتهامات المتعددة من قبيل: الخيانة والعمالة وشق الصف الوطنى وعدم المسئولية خاصة مع تزايد العمليات الارهابية وتزايد التحديات التى تواجه البلاد داخليا وخارجيا، کما تؤکد نتائج الدراسة التحليلية هذا الطرح .
2-    تؤکد نتائج الدراسة عن تفاوت صحف العينة فى تمسکها واهتمامها بالمعايير المهنية فى تغطيتها للأحداث الارهابية فى اطار متطلبات المرحلة وطبيعة الأدوار التى تمارسها هذه الصحف فى تعاطيها مع هذه المتطلبات . فى هذا السياق تکشف النتائج عن تمسک ظاهرى بالمعايير المهنية يعلى من قيمة الدقة على حساب باقى المعايير الأخرى کالتوازن والعمق والتنوع استجابة لهذا الظرف الزمنى والسياق المجتمعى المشکل .
فى هذا السياق تکشف النتائج عن مستو عال من التمسک بالدقة الشکلية فى التعامل مع الأحداث الارهابية ،فهناک دقة فى الاحصاءات والأرقام والبيانات الرسمية وحذر فى التعامل مع المصادر الارهابية وفى الوقت نفسه هناک تجهيل للمصادر خاصة المصادر الأمنية والعسکرية مع اطلاق الأحکام التى تدفع بالتغطيات فى بعض الأحيان الى الانزلاق للمبالغة والتهويل خاصة مع ترکيز التغطيات على التفاصيل الدرامية للأحداث والإعلاء من قيمة الصراع وصبغ التغطيات الاخبارية بالصبغة الانسانية خاصة عند التعامل مع ضحايا العمليات الارهابية ،فى الوقت نفسه هناک تغاضى عن تقديم الخلفيات بجانب الافتقار لسياق عام يقدم التحليل والتفسير ويدفع فى اتجاه تحقيق الشمول والاکتمال فى التعامل مع الحدث الارهابى،وتتفق نتائج الدراسة فى هذا السياق مع نتائج دراستى کل من: سهير عثمان (2006) (2014)Zahar Kadmon Sella 
ويکشف التحليل الکيفى لمضمون صحف الدراسة عن غلبة نموذج تدفق المعلومات الأحادى الجانب على مايقدم من تغطيات للأحداث الارهابية مما يجعل هذه التغطيات مجرد رد فعل للأحداث يتطابق فى احيان کثيرة مع الموقف الرسمى للأجهزة الامنية وينحاز لإجراءاتها، ويأتى هذا الانحياز کنتيجة منطقية لهيمنة المصادر ذات الطبيعة الرسمية(الأمنية والعسکرية على وجه الخصوص)على معظم التغطيات الأمر الذى يحدث خللا فى توازن هذه التغطيات ويهدد موضوعيتها ،فى الوقت نفسه يدعم هذا الانحياز تدخل هذه الصحف بالوصف والتعليق على مواقف وادوار الأطراف المختلفة فى معرکة الارهاب حتى لو استلزم هذا التدخل القفز على الحقائق، والاعتماد على التکهنات ،وتعمد الاثارة ،والترکيز على الخسائر والضحايا، وتعمد ابراز احداث ارهابية معينة (مثل حالات الاعتداء على قوات الجيش والشرطة)وغيرها من الممارسات التى قد تخل بتوازن التغطيات الاخبارية وتدفع فى اتجاه تشکيل تصورات معينة لحالة الارهاب وإجراءات مکافحته فى مصر .
فى ذات السياق تکشف النتائج عن مستو متدن من التنوع فى التغطيات الاخبارية المقدمة عن الارهاب فى صحف العينة خلال فترة الدراسة وذلک نتيجة لعدم التنوع فى مصادر التغطية فضلا عن تشابه نمط استخدام هذه الصحف لشهود العيان وأهالى الضحايا کأحد مصادر التغطية الى جانب روتينية التغطيات وتقليديتها فى ترکيزها على البعد الأمنى والعسکرى مع تغافلها عن الابعاد الأخرى السياسية والاقتصادية وغيرها من الأبعاد، وربما يرجع ذلک طبيعة الضغوط السياسية والأمنية التى تحکم التعامل مع هذه الأحداث والذى يظهر تأثر الصحف به على اختلاف انماط ملکيتها وسياساتها التحريرية.
3-    وتطرح نتائج الدراستين التحليلية والقائم بالاتصال اشکالية مدى استقلالية الصحافة والقائمين بالاتصال فى تغطية الاحداث الارهابية فى ظل الضغوط المهنية والمؤسسية والمجتمعية التى يعملون فى اطارها والتى تفضى فى النهاية الى تقديم تغطيات روتينية الطابع، موسمية الطرح ،جزئية التناول، رسمية المصادر، مفتقدة للطابع التفسيرى والتحليلى فى اطار افتقاد لسياسة اعلامية واضحة تکفل التعاطى المهنى مع هذه الاحداث ذات الطبيعة الخاصة بما يرقى لمستوى هذه الخصوصية، ويستجيب لمقتضيات المسئولية الاجتماعية ،ويدعم حق القارئ فى المعرفة، ويتفق ذلک مع نتائج دراسات: أشرف جلال (2015) وکامل کريم عباس الدليمى (2008)(وانجى محمود (2015) وJesper Falkheimer and Eva-Karin Olsson (2015)

الكلمات الرئيسية