تطبيقات شبکات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذکية وعلاقتها بالاغتراب لدى الشباب الجامعي في سلطنة عمان

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 أستاذ الاجتماع بکلية الآداب – جامعة السلطان قابوس

2 أستاذ الإعلام المساعد بکلية الآداب جامعة السلطان قابوس

3 الباحث بقسم الاجتماع بکلية الآداب جامعة السلطان قابوس

المستخلص

کشفت هذه الدراسة عن تعدد التطبيقات الاتصالية التي يعتمد عليها  الشباب  في إشباع حاجاتهم  عبر الهاتف الذکي، وتمثلت تلک التطبيقات في: الواتس آب، الفايبر، اليوتيوب، وإن کان التواتس آب يأتي في الترتيب الأول، حيث يستخدمه جميع المبحوثين تقريباً, وعن الشبکات الاجتماعية التي يعتمد عليها الشباب عبر الهاتف الذکي کشفت الدراسة عن تصدر کل من فايس بوک، وتويتر، وإنستجرام استخدامات المبحوثين، وبدرجة أقل جوجل بلس، وتأتي المنتديات في الترتيب الأخير من حيث الاستخدام. من أبرز النتائج أيضاً  أن أکثر من ثلثي عينة البحث تستخدم تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الهاتف الذکي في التواصل الاجتماعي مع الآخرين لمدة تزيد عن ساعتين يوميا، وهناک (17%) من العينة يستخدمون الهاتف الذکي في التواصل الاجتماعي لمدة تزيد عن خمس ساعات يوميا، وتنخفض نسبة من يستخدمون تطبيقات التواصل لمدة أقل من ساعة. وتتعدد الدوافع المحفزة للتواصل الاجتماعي بين الشباب عينة البحث من خلال الهاتف الذکي، والدافع الأساسي  لذلک هو التواصل مع الأصدقاء والزملاء، بجانب دوافع أخرى أبرزها تبادل الأخبار حول الدراسة، ثم تبادل أخبار العالم، وفي الترتيب الأخير يأتي دافع "تبادل الأغاني ومقاطع الفيديو".
فيما يخص الاغتراب تبين من الدراسة تباين التأثيرات الناتجة عن الاعتماد على التواصل الشبکي من خلال الهاتف الذکي وانعکاساتها على مستويات الاغتراب لدى الشباب،وهناک تأثير متوسط "لاعتماد عينة الدراسة على الهواتف الذکية في عملية التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالاغتراب ککل، وإن کانت  التأثيرات واضحة في الأبعاد الأربعة للاغتراب ممثلة في "فقدان المعايير"، "اللاانتماء"، "العزلة الاجتماعية"، "فقدان المعنى". هذه النتيجة تعني أن الاعتماد الزائد على الهواتف الذکية قد تؤدي تدريجيا – إلى انسلاخ الأفراد من سياقاتهم الاجتماعية، وانغماسهم ضمن جماعات افتراضية على الفضاء الالکتروني، وتفضيل التواصل الاجتماعي الشبکي من خلال الهواتف على التواصل الواقعي. کشفت الدراسة أيضاً عن أن مستويات الاغتراب لدى الشباب الذين يعتمدون على الهاتف الذکي في التواصل الاجتماعي أقل من مستوى 80% کمستوى افتراضي. وهناک ارتباط بين شبکة التواصل "الفيس بوک"،  وکل من مقياس الاغتراب ککل، وکذلک الأبعاد الاغترابية الثلاثة (فقدان المعنى، فقدان المعايير، اللاإنتماء)، مما يعني أن الاعتماد على الهاتف الذکي في التواصل ذو ارتباط بالاغتراب، کما أن مجمل الوسائط يرتبط بالاغتراب ارتباطاً موجباً ومرتفعاً. ويتزايد مستوى الاغتراب بزيادة الاعتماد على الهاتف الذکي في التواصل الاجتماعي "فکلما ارتفع عدد ساعات استخدام الهاتف الذکي زادت معدلات الاغتراب". کما أن هناک ارتباطاً موجباً بين کثافة الاعتماد على الهاتف الذکي وکل من أبعاد الاغتراب الأربعة، کما أن قيمة الارتباط بين کثافة الاعتماد على الهاتف الذکي والاغتراب تصل إلى أقصاها في علاقة هذا الاعتماد بمجمل الاغتراب. وهناک فروق بين الذکور والإناث من حيث الاغتراب، حيث يزداد بين الذکور مقارنة بالإناث. کما أن طلاب التخصصات العلمية أکثر اغتراباً مقارنة بطلاب التخصصات النظرية / الإنسانية. ومن حيث متغير محل الإقامة کشفت الدراسة عن أن الاغتراب يرتفع لدى أبناء المناطق الريفية والبادية مقارنة بأبناء المناطق الحضرية.
هذه النتائج تؤکد المنطق الأساسي لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام وهي أن کثرة الاعتماد يقترن بزيادة التأثير مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات الوسيطة، کما أن النتائج المذکورة تؤکد ما ذهبت إليه افتراضات النظرية الاجتماعية للهاتف المحمول، والتي تنطلق من تعدد أنماط استخدام الهاتف المحمول المعتمدة على الوسائط المتعددة، وتأثيراتها على کل من الفرد والنظم الاجتماعية، ومن هذه التأثيرات: العزلة الاجتماعية، والضبط الاجتماعي، والتحرر من الأماکن المحلية، وزيادة تمکن الأفراد من الولوج إلى سياقات ثقافية متنوعة، والنتائج المترتبة على التفاعل الشخصي، والعلاقات الاجتماعية، وتمکين نظم التفاعل الأولية؛ إضافة إلى التأثير على الحشود الاجتماعية، المنظمات والهيئات، لاسيما داخل المدن الکبيرة والأماکن العامة. کما أن فکرة الارتباط بين استخدام الهاتف المحمول في التواصل الاجتماعي والاغتراب تتفق مع الأفکار النظرية القائلة بأن کثرة استخدام  المراهقين للهاتف المحمول  تقترن بانتهاک المراهقين للقواعد العامة, لاسيما القواعد المتصلة بالنظام المدرسي, ومن ثم فقدان المعايير والقواعد الضابطة للفعل الاجتماعي داخل المجال الأکاديمي، والهروب من مراقبة أولياء الأمور، ومن ثم إضعاف عملية الضبط الاجتماعي (رغم أن الهاتف المحمول وسيلة هامة للاطمئنان على الطرفين)، وأنه – أي الهاتف المحمول - قد غير من علاقات القوة, والعلاقات الأسرية, وأدى إلى ظهور جماعات اجتماعية ندية، وخلق ثقافة فرعية لدى الشباب تحدد معاييرهم, وأسلوب حياتهم الخاصة بما تتضمنه من اتجاهات وميول وتوقعات جديدة،بل وظهور أنماط جديدة تميز ثقافة الشباب، وتغيير هيرارکية الاتصال داخل الفصل الدراسي، والتشويش على العملية الدراسية نتيجة استخدام الطلاب للهاتف, لاسيما إرسال واستقبال البريد، وکتابة الرسائل الفورية, وتسجيل الملاحظات وترتيب المقابلات بعد انتهاء اليوم الدراسي؛ ورغم أهمية استخدام الهاتف المحمول في العملية التعليمية، إلا أنه أدى إلى حدوث التلوث الضوضائي، وانتهاک القواعد والضوابط المنظمة للسلوک، ومن ثم فقدان المعايير.  ومن النتائج المثيرة في تلک الدراسة ما يتعلق  "بالعزلة الاجتماعية "فقد جاءت  بمتوسط مرجح قدره (1.8)، هذا  يعني أن استخدام الهاتف الذکي في  التواصل عبر شبکات الإنترنت قد أحدث قدرا من العزلة الاجتماعية، وانسلاخ الأفراد من السياق الاجتماعي، وفقدان العلاقات الاجتماعية، والانعزال عن الآخرين،وتدعم هذه النتيجة ما توصلت إليه دراسة (Beaton and Wajcman, 2004) من أن الهاتف المحمول أحدث تغيرا في نظم الاتصال والتقارب المکاني، بل والانصراف عن المحيط الاجتماعي المباشر، والانکفاء على الذات والانفصال عن المحيط الخارجي، وأحيانا شعور المحيطين بأنهم مستبعدون، کما سبب التوتر في المحيط الاجتماعي. وتشير نتائج إحدى الدراسات العلمية إلى أن استخدام  الشباب للهاتف المحمول أصبح نوعا من الهوس وإدماناً يومياً لأغلبية مستخدميه من الشباب، وأن العزلة الاجتماعية المرتبطة بهذا الإدمان تشکل فضاءً خاصاً للشخص يعبر عن الإحساس الداخلي بالذات، ويفقد الناس إحساسهم بالمکان عندما ينشغلون بالإعلام الالکتروني، فلا يکونون مقيدين فيزيقيا بل ينسحبون إلى عالم آخر ويتفاعلون فيه. أي أنه يمکن تفسير دور الهاتف الذکي في تشکيل العزلة الاجتماعية، بأن الهاتف الذکي يساعد الأفراد على تشکيل فضاءات خاصة بهم، تشکل عوالمهم الخاصة، وتجرى فيها مختلف أنماط العلاقات والتفاعلات الاجتماعية الخاصة، الأمر الذي يؤدي إلى انسلاخ الفرد من واقعه الاجتماعي والانخراط في جماعات افتراضية خاصة به، مما يساعد على عزلته الاجتماعية أکثر،ذلک أن الهاتف الذکي بخدماته المتطورة يساعد على نمو وتجديد ميکانيزمات التفاعل داخل الفضاء الإلکتروني،وزيادة قدرته على احتواء الفرد وانسلاخه عن الواقع الفعلي باعتبار أن تطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الهاتف المحمول تجعل التواصل غير محدود مکانيا أو إقليميا، وينشغل من خلاله الشباب في نشاطات متعددة  عبر فضاءات مختلفة، ويشعرون بالفضاء کاعتماد نفسي وجسدي حتى يصبح الفضاء وظيفيا، ومن ثم لا يستطيع الشباب فقدان إحساسهم کلية بالفضاء عندما يستخدمون الهاتف المحمول حتى في الأماکن العامة, الأمر الذي يسبب قدرا من العزلة الاجتماعية(

الكلمات الرئيسية