مدرکات الجمهور المصري لحدود المسئولية الاجتماعية والمحاسبة السياسية في أزمة "التسريبات الإعلامية":

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس بقسم الإذاعة والتليفزيون بکلية الإعلام، جامعة القاهرة

المستخلص

تعرضت الدراسة الحالية لاختبار ظاهرة التسريبات الإعلامية بوصفها تلخص العلاقة بين الشفافية وحرية تداول المعلومات، والحق في المعرفة بوصفهما سمتين تميزان المجتمعات الديمقراطية من جهة، وکل من مدخلي المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، والمحاسبة السياسية للنظم الحکومية المختلفة باعتبارها أداة تقييم وتقويم لهذه النظم من جهة ثانية، وما إذا کانت هناک ثمة علاقة بين التعرض لوسائل الإعلام المختلفة، وبين مدرکات الجمهور المصري عينة الدراسة لماهية، ومصادر، والدوافع التي تقف وراء التسريبات الإعلامية التي برزت على الساحة الإعلامية المصرية في الآونة الأخيرة، والتي مست عدداً کبيراً من رجال الحکم والسياسة، ومن عُرف بالنشطاء السياسيين، وحتى فضائح وتسريبات المسئولين التنفيذيين بالحکومة، والتي تدرجت ما بين تسريبات تمس ذممهم المالية، وأخرى تخص وقائع فساد..الخ؟!. وما إذا کانت هذه التسريبات قد حققت بالفعل معايير الشفافية المطلوبة لصلاح المجتمعات من جهة، وذلک من وجهة نظر أفراد عينة الدراسة من الجمهور المصري؟! وما إذا کانت هذه الشفافية قد ضمنت التوافق بين سرية المعلومات المسربة عبر وسائل الإعلام، ومعايير المحاسبة والديمقراطية الحق؟! بمعنى آخر هل تضِمن الزيادة في الأولى(التسريبات) بالضرورة زيادة في الأخيرة (المحاسبة السياسية)؟! وإذا کان الأمر کذلک بالفعل، هل تستطيع التسريبات أن تقلب موازين القوى بين الجمهور العام والحکومات؟! وإن لم يکن الأمر على هذا النحو، وبهذه الدرجة من الشدة والتأثير، هل يمکن اعتبار التسريبات أسلوباً رمزياً للمعارضة السياسية؟! وفي نهاية المطاف، هل يمکن إدراج مثل هذه النوعية من المعلومات تحت الشروط والأطر اللازمة والمرتبطة بالممارسة التقليدية للإعلام، والمعنية في کثير من الأحيان بالالتزام بمعايير المسئولية الاجتماعية، وتلک الأخلاقيات والمواثيق المتعارف عليها في مجال الإعلام التقليدي؟! وما مدى التزام الإعلام الرقمي الذي يعتبر مصدراً رئيساً لمثل هذه النوعية من المعلومات بهذه المسئولية و تلک الالتزامات الأخلاقية من وجهة نظر عينة الدراسة؟!
وقد تم استعراض الدراسة الحالية عبر ثلاثة محاور أساسية هي: المحور الأول والذي عرض للإطار النظري للدراسة وتناول ظاهرة التسريبات الإعلامية؛ ماهيتها، وسماتها، ومصادرها، والآثار المترتبة عليها في إطار کونها شکلاً إعلامياً مستحدثاً يُصنف حالياً في إطار حروبي الجيل الرابع والخامس، وکذلک المصادر المفتوحة للمعلومات، والحکومية منها على وجه الخصوص کأساس لتداول المعلومات الرسمية منها والمسربة،  فضلاً عن التعرض لکل من مدخلي المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام في علاقته بظاهرة التسريبات الإعلامية، ومفهوم المحاسبة السياسية کنتاج لسياسات التسريب. المحور الثاني والذي عرض للإجراءات المنهجية للدراسة، في حين تعرض المحور الثالث لنتائج الدراسة العامة، ونتائج اختبارات الفروض.
وتدلل نتائج الدراسة على مجموعة من الخلاصات، وذلک على مستوى المتغيرات والمحاور التي سعت الدراسة إلى اختبارها کالتالي:
-    أظهرت نتائج الدراسة بروز نفوذ وسائل الإعلام الجديدة (مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات اليوتيوب) وقوتها، وتحقيقها سبقاً هائلاً.
-   أن التسريبات مهما کانت مبرراتها ودوافعها ومستوى صدقيتها هي دافع للحکومات لتعيد النظر في سياساتها.
-    طرحت غالبية عينة الدراسة علامات استفهام حول صدقية المعلومات؛ حيث اختلفت وجهات نظر المبحوثين بين تصديق المعلومات الواردة بالتسريب وبين عدم تصديقها، وإن مالت الغالبية نحو تصديقها ولم تنظر إليها على أنها وثائق لا يمکن التلاعب بها.
-    رأت غالبية عينة الدراسة أن المقصود من هذه التسريبات في الأساس هو التأثير في توجهات الرأي العام نحو السياسات الحکومية المختلفة، وذلک بهدف الدفع في اتجاه تغيير بعض السياسات والأيديولوجيات، يليها کشف الأسرار، ثم إثارة البلبلة والفوضى خاصة وأنه لا يتم التعرف بشکل جدي على نتائج التحقيقات في واقعة ما، کما لا يتم الکشف بشکل واضح عن مصير المعلومات التي ترد في تسريب ما من التسريبات، وما إذا کان قد اتخذت إجراءات بالفعل نحو ما أثير أم لا.
-            اتفقت غالبية عينة الدراسة أن وسائل الإعلام لم تُخل بمسئولياتها تجاه المجتمع عند إثارتها لمثل هذه النوعية من المعلومات، إنما هي على العکس قد شجعت على بروز نمط جديد من العمل الإعلامي، وصف بالدرجة الأولى باعتباره استقصائي/ فضائحي/ مُحاسب/ سريع.
-            اتفقت غالبية عينة الدراسة على أن التکنولوجيا الحديثة تسهل إمکان تجاوز أنظمة الرقابة، وأن التسريبات ستنعکس على طريقة العمل الدبلوماسي، وأن الحکومات لابد وأن تعيد النظر في سياساتها، وإن أشارت العينة أيضاً إلى أن هذه التکنولوجيا ذاتها قد تدفع الحکومات المختلفة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات الاحترازية القمعية نحو أي مصدر محتمل للحصول على معلومات غير مصرح بها.
 
 

الكلمات الرئيسية