أثر مواقع الشبکات الاجتماعية على العلاقات بين الأفراد:

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم العلاقات العامة والإعلان بکلية الإعلام - جامعة القاهرة.

المستخلص

تم التوصل إلى صياغة السؤال الرئيسي لهذه الدراسة بعد القراءة المتأنية لنظرية رأس المال الاجتماعي والدراسات السابقة ذات الصلة ، حيث يسعى البحث إلى الإجابة على السؤال الرئيسي التالي: هل مواقع الشبکات الاجتماعية Social Networking Sites في مصر:

عززت من انفتاح المستخدمين وقبولهم للآخر الذي لديه آراء سياسية مغايرة أم
ساعدت في إيجاد دائرة مغلقة على أصحابها يتم استبعاد کل من لديه رأي سياسي مغاير خارجها؟

بعبارة أخرى هل عملت مواقع الشبکات الاجتماعية کجسر للتواصل أم کبوابة للعزلة، ويقصد "بجسر التواصل" أن رأس المال الاجتماعي الذي يکونه الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو من نوع رأس المال "الذي يقيم جسوراً" bridging أي الذي يکون فيه الفرد على استعداد لضم أفراد ضمن شبکة علاقاته الاجتماعية حتى وإن اختلفوا معه حول بعض القضايا أي أن الفرد في هذه الحالة يکون ذا صدر رحب وتقبلٍ للآخر وغير مستعد لتعريض رأس ماله الاجتماعي للنقصان ، أما "بوابة العزلة" فتعني أن الفرد قد قرر أن يضحي بأي شخص يختلف معه في الرأي (خاصة حول القضايا السياسية) حتى وإن کان هذا الشخص ضمن دائرته "الوثيقة" (أي أحد أفراد عائلته أو أصدقائه المقربين أو جيرانه) فما بالنا بمن هم موجودون ضمن الدائرة الأبعد (أي زملائه أو معارفه أو أصدقائه العابرين). بهذا فإن هذا البحث يطرح فرضية دور وسائل التواصل الاجتماعي في رسم خريطة العلاقات الاجتماعية للفرد بما تتيحه من إمکانية التعرف على آراء الآخرين من خلال المناقشات التي تتم من خلالها.
وبشکل عام يتضح من نتائج الدراسة وجود تأثير کبير للمواقف السياسية (للأصدقاء على شبکات التواصل الاجتماعي) على اتخاذ المستخدمين قراراتهم إما بالإبقاء على المختلفين معهم في الرأي ضمن شبکاتهم الاجتماعية أي الحفاظ على رأسمالهم الاجتماعي أو استبعادهم من محيطهم (على الأقل الالکتروني) أي التضحية برأسمالهم الاجتماعي. وإذا عدنا إلى نوعي رأس المال الاجتماعي – المشار إليهما ضمن الإطار النظري- الموجودين على مواقع التواصل الاجتماعي، سنجد رأس المال "الوثيق" bonding  و"الذي يقيم جسوراً" bridging  حيث يوجد لدى المستخدمين کلا النوعين من العلاقات الاجتماعية، وکما توصل عدد من الدراسات السابقة إلى أن "الإنترنت" بتطبيقاتها سوف تعزز من العلاقات الاجتماعية بين الأفراد (خاصة الموجودة من قبل) ، إلا أن نتائج هذه الدراسة تشير إلى غير ذلک إذا ما أخذنا في الاعتبار متغيراً هاماً وهو الآراء السياسية والانتماءات الفکرية للأفراد، حيث أشارت النتائج إلى أن الأفراد على استعداد بالتضحية بعلاقاتهم إذا ما وجدوا أن "الآخر" مختلف معهم في قضايا سياسية يرونها من وجهة نظرهم هامة.
ويثير هذا فکرة التجانس التي تحدث عنها بوتنام فيما يتعلق بالعلاقات الوثيقة (رأس المال "الوثيق") ، حيث لا يقف التجانس عند روابط الدم والصداقة المقربة بل يشتمل أيضا على التجانس في الآراء ، ومن هنا يمکن القول إن الآراء السياسية للأفراد الذين تربطهم علاقات اجتماعية بحاجة لأن تکون متشابهة وإلا فإن رأس المال الاجتماعي مهدد في هذه الحالة. ويجب أيضاً أن نأخذ في الاعتبار درجة الاحتقان أو الاستقطاب السياسي التي کانت سائدة بين الأفراد في الوقت الذي تم سؤالهم عنه.لذلک يمکننا أن نخلص إلى أن الدور الذي تلعبه مواقع الشبکات الاجتماعية في تعزيز علاقات الأفراد مرهون بتوافقهم أيضاً في الآراء السياسية تجاه القضايا الهامة خاصة في أوقات الأزمات والتحولات السياسية الکبرى ووجود حالة من الاستقطاب المجتمعي ، بل يمکننا القول إن وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهمت بشکل أو بآخر في تعميق حالة الاستقطاب من خلال ما أتاحته من فرص متزايدة للنقاش السياسي والتعبير عن الآراء الشخصية تجاه القضايا العامة بطريقة ربما لم تکن متاحة في ظل الاتصال الشخصي التقليدي الذي لا يمکنه إتاحة الوقت والسهولة والتکرار الاتصالي وأعداد المتناقشين کما أتاحته شبکات التواصل الاجتماعي.

الكلمات الرئيسية