التعرض للبرامج الحوارية التليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي وعلاقته بمستوى الثقة السياسية لدى الجمهور المصري

مع تراجع مستوى الثقة السياسية في نتائج الدراسات التي تم إجراؤها بعد ثورات "الربيع العربي"  وانخفاض مستوى الثقة السياسية لدى المبحوثين المصريين(وفاء داوود:2011)⁽³⁾، (مها بهنسي:2012)⁽⁴⁾،(مها بهنسي:2014)⁽⁵⁾، ومع تحفظ ورفض العديد من المواطنين لأداء الرئيس الأسبق محمد مرسي نتيجة عدم الشعور بحدوث تغييرات في البلاد، واتخاذ قرارات غير موفقة ( مرکز استطلاعات الرأي العام:2012)⁽⁶⁾ ثم انتفاضة الشعب وحدوث ثورة 30 يونيو، ومع تباين نتائج هذه الدراسات مع الدراسة التي أجرتها(سارة نصر:2010)⁽⁷⁾ قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي أشارت إلى ارتفاع نسبة الثقة في الحکومة، ومع عدم وجود دراسة تتناول التعرض لوسائل الإعلام التقليدية والحديثة وعلاقته بمستوى الثقة السياسية للجمهور المصري -خاصة أن نوعية الوسيلة التي يتعرض لها الجمهور تؤدى دورًا فى زيادة أو نقص مستوى الثقة السياسية ⁽⁸⁾(Anfinson:2006:p13) - رأت الباحثة أهمية  دراسة علاقة التعرض لوسائل الإعلام التقليدية والحديثة بمستوى الثقة السياسية لدى الجمهور المصري ؛ إذ تتحدد مشکلة الدراسة في محاولة التعرف على مدى تأثير البرامج الحوارية التليفزيونية باعتبارها تمثل وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوک وتويتر" بصفتهما يمثلان وسائل الإعلام الحديثة على مستوى الثقة السياسية لدى الجمهور المصري، ومعرفة أى منهم أکثر تأثيرًا على معدل الثقة السياسية، وکذلک تأثير المتغيرات الوسيطة التي تتمثل في المتغيرات السياسية وتشمل: ( الاهتمام السياسي، والمعرفة السياسية، والمشارکة السياسية التقليدية وغير التقليدية والمشارکة عبر الفيس بوک، والکفاءة السياسية الداخلية والخارجية، والاتجاه  نحو القضية المسيطرة) وکذلک المتغيرات الديموغرافية المتمثلة في: (النوع – السن – المستوى التعليمي – المستوى الاجتماعي الاقتصادي-الديانة)، ومتغير جدارة الآخرين بالثقة على تلک العلاقة.
 
في الوقت الذي أثبتت فيه النتائج أن البرامج الحوارية التليفزيونية التي تُقدم حاليًا عبر القنوات التليفزيونية تسعى لتعزيز ثقة المواطنين السياسية وتکوين دائرة فاضلة Virtus Circle، کما افترضت Norris وليس کما اتجه روبنسون بأن التليفزيون يجعل  المواطنين أکثر سخطًا، وذلک وفق نظرية النفور الإعلاميMedia Malaise ، فإن الدراسة الحالية أيضًا أوضحت أنه لاتوجد علاقة بين معدل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والثقة السياسية، وإنما مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوک وتويتر" عبارة عن أداة ووسيلة للتنفيس والتعبير عن الذات، کما أن الخوف من الرقابة الإلکترونية والتصنيف السياسي من أبرز الأسباب التي تحول دون فاعلية دائرة الصدى Resonance Chamber التي قامت بها مواقع التواصل الاجتماعي أثناء ثورات الربيع العربي.
  وفي الوقت الذي تکون فيه قدرة مقدم البرنامج على توصيل المعلومات وکفاءته، وکاريزمته وأنه محبوب لدى الجماهير، ولديه القدرة على إدارة الحوار والترکيز على نقاط الشد والجذب، ورغبة المبحوث في التعرف على الأخبار التي حدثت خلال اليوم والإلمام بها، ومصداقية الضيوف هي أبرز الأسباب التي تدفع المبحوثين لمتابعة البرامج الحوارية التليفزيونية، فإن محاولة التعبير عن الذات ومشارکة الآخرين ما يقومون به هي أبرز الأسباب التي تدفع المبحوثين للتعبير عن آرائهم عبر الفيس بوک وتويتر، إضافة إلى أن تويتر بشکل خاص يساعد المبحوثين –فئة الشباب- من التحدث بحرية أکبر دون الخوف من الرقابة الأبوية والأقارب والأهل؛ نظراً لأن تويتر من المجتمعات الافتراضية التي يتواجد عليها الشباب أکثر من کبار السن.
 على الجانب الآخر، فإن الأسباب التي تفسر عدم متابعة بعض المبحوثين للبرامج الحوارية التليفزيونية تتمثل في: عدم تفضيل مشاهدة التليفزيون بشکل عام، ومتابعة الأحداث الجارية والأخبار بشکل خاص، وفقدان بعض البرامج الحوارية لعناصر المهنية والمصداقية والحيادية، وطول المدة الزمنية للحلقة؛ لذلک تفضل بعض الفئات خاصة الشباب الذکور، متابعة الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي فإنه وبالإضافة لخوف المبحوثين من اللجان الإلکترونية، والمراقبة الموجودة على هذه المواقع، فإن عدم الاهتمام بالشئون السياسية، وعدم امتلاک بعضهم حساب على موقع  فيس بوک أو تويتر من أبرز الأسباب التي تمنع استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي کوسيلة للتعبير عن الآراء السياسية.
-        کما تجدر الإشارة إلى أن کل من (متغير الاهتمام السياسي- السن – التعليم- المستوى الاقتصادي الاجتماعي) ليس له تأثير على شدة العلاقة بين متغير حجم التعرض للبرامج الحوارية التليفزيونية ومستوى الثقة السياسية، في حين أن النتائج توصلت أيضًا إلى أن هناک متغيرات ذات تأثير إيجابيًّا متوسط على شدة العلاقة بين حجم التعرض للبرامج الحوارية التليفزيونية ومستوى الثقة السياسية، وتتمثل هذه المتغيرات في الآتي: (جدارة الآخرين بالثقة- الکفاءة السياسية الداخلية – الکفاءة السياسية الخارجية)، بينما کان هناق فروقًا بين الذکور الإناث حيث کان الإناث أکثر ثقة سياسية،  وأما عن المتغيرات ذات التأثير الضعيف، فقد توصلت النتائج أيضًا إلى أن المعرفة السياسية والمشارکة التقليدية يؤثران بشکل إيجابي ضعيف على شدة العلاقة بين حجم التعرض للبرامج الحوارية التليفزيونية ومستوى الثقة السياسية، في حين أن المشارکة غير التقليدية والمشارکة عبر الفيس بوک يؤثران بشکل سلبي ضعيف على العلاقة بين المتغيرين.