العوامل المؤثرة في الاستقطاب السياسي لدى الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

مدرس بقسم الإعلام بکلية الآداب - جامعة حلوان.

المستخلص

تعد مواقع الشبکات الاجتماعية عبر الإنترنت أکثر مواقع الاتصالات شعبية وانتشاراً، وفي ظل الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الجمهور لم تعد هذه الوسائل مکاناً فقط للتواصل أو التعارف أو التشارک مع الأصدقاء حول الأمور الشخصية أو الموضوعات الاجتماعية، لکنها أصبحت أيضاً نافذة مهمة يتعرف فيها المستخدمون على الأخبار والمعلومات ويتشارکون فيها الآراء والأفکار. ورغم أن هذه المواقع أنشئت في الأساس للتواصل الاجتماعي بين الأفراد، فإن استخدامها امتد ليشمل النشاط السياسي من خلال تداول المعلومات الخاصة بالأحداث السياسية وکذلک الدعوة إلى حضور الندوات أو التظاهر
وعلى هذا يمکن اعتبار مواقع الشبکات الاجتماعية الآن مرکزاً ضخماً لإنتاج ونشر وتبادل المعلومات السياسية، وفي نفس الوقت وسيلة مهمة تتيح النقاش حول هذه المعلومات فتعطي للجمهور حرية أکبر للحوار وإبداء الآراء، ومن ثم تراجع دور حارس البوابة الذي يملک التحکم بمنع أو تعديل أو تأخير ردود أفعال وتعليقات الجمهور، وانتقلت عملية ضبط ما يتم نشره على هذه المواقع للمستخدمين أنفسهم، الذين بدورهم تجاوزوا حدود الحوار والتفاعل وکان من نتائج ذلک ازدياد حدة النقاش والخلاف بين الجمهور حول الموضوعات والقضايا، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة للاستقطاب السياسي خاصة في أوقات الأزمات والخلافات السياسية
وبناءً على ما سبق يمکن التأکيد على أن الحرية التي تمنحها الشبکات الاجتماعية عبر الإنترنت لا تقف عند حدود منتجيها من الأفراد، بل إن الاستقطاب بأشکاله المختلفة يمثل عنصراً بنائياً في هذه المنظومة التکنو اجتماعية
وقد أثبتت العديد من الأبحاث التي أجريت على ظاهرة الاستقطاب السياسي أن الأفراد يميلون دائماً لمناقشة القضايا السياسية والشئون العامة مع الآخرين الذين لديهم نفس العقلية ونفس التوجهات الفکرية، وأکثر التفاعلات تکراراً في الشبکات الاجتماعية يحدث مع الشرکاء والمستخدمين الأکثر انسجاماً في المناقشات والمواقف السياسية، وأن الأفراد عند مناقشة القضايا السياسية يعالجون المعلومات المتداولة بانتقائية وتحيز شديدين  ، مما يزيد من حدة الاستقطاب السياسي والتطرف في الآراء، والتباعد بين المجموعات المتناقشة والانفصال فيما بينها.
وتسمى هذه الظاهرة بغرفة الصدى ((Echo Chamber والتي يبدو فيها الاستقطاب السياسي واضحاً، نتيجة تعرض الأفراد للمعلومات والآراء التي تدعم وجهات نظرهم وتتجاهل وجهات النظر الأخرى المعارضة، وفي نطاق مثل هذه العزلة السياسية تصبح الأفکار أکثر ميلاً للتطرف بسبب ضعف الاتصال مع وجهات النظر الأخرى  فالدراسات التي أجريت حول النقاش السياسي عبر شبکات التواصل الاجتماعي وجدت أن التفاعلات على المواقع تحدث غالباً بين الأفراد من ذوي المواقف الإيديولوجية المتشابهة، وبهذا تخلق مواقع التواصل الاجتماعي حجرات لها صدى، يردد فيها الأفراد نفس أفکارهم ووجهات نظرهم السياسية، بما يفاقم من الاستقطاب السياسي
ويُعرف الاستقطاب السياسي Political Polarization بأنه "العملية الاجتماعية التي يتم بمقتضاها تقسيم الأفراد إلى فئتين اجتماعيتين أو مجموعتين متناقضتين في المواقف والأهداف ووجهات النظر، مع وجود عدد قليل من الأفراد المحايدة أو التي تتخذ موقفاً وسطياً"
ويعرف أيضاً بأنه " الانفصال أو التقسيم بين المجموعات في تفضيلهم لقضية ما، وحشد هذه المجموعات حول محاور إيديولوجية "
أو هو" العملية التي تقسم الرأي العام إلى أقطاب أو أطراف متباعدة، حيث يذهب کل قطب إلى التطرف في رأيه، ويحدث الاستقطاب السياسي نتيجة لوجود خلاف جوهري بين القوى السياسية تجاه قضية جوهرية، حيث تأخذ کل قوة سياسية موقفاً مختلفاً عن القوى الأخرى" . ونتيجة لهذا الاستقطاب تتسع دائرة ذوي الآراء السياسية المتطرفة وفي المقابل يتلاشى ذو الآراء السياسية المعتدلة .
وفي الظروف التي تمر فيها المجتمعات بحالات انقسام سياسي حادة تتوجه أصابع الاتهام إلى وسائل الإعلام باعتبارها سبباً رئيسياً لهذا الانقسام من خلال شيطنة الآخر وصم الآذان عن وجهات النظر الأخرى  وتعد مواقع التواصل الاجتماعي في هذه الفترات أيضاً ساحة للاستقطاب السياسي وتصفية الخلافات بين أصحاب وجهات النظر المتعارضة، وأداة للنيل من المخالفين والهجوم عليهم، وفي الوقت نفسه إضفاء الشرعية والدفاع عن وجهات النظر المؤيدة.
وتسعى هذه الدراسة إلى الکشف عن ظاهرة الاستقطاب السياسي لدى الشباب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي، والبحث عن العوامل المؤثرة في تشکيل هذه الظاهرة، والمتغيرات التي تحکمها، وقد تم اختيار الشباب من بين الفئات العمرية الأخرى؛ لأنهم الأکثر استخداماً لهذه المواقع والأکثر تفاعلاً عليها.
 

الكلمات الرئيسية