وعي الإعلاميين السعوديين بدورهم في تشکيل الاتجاهات نحو المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030 في إطار نظرية المسؤولية الاجتماعية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بقسم الإعلام وعلوم الاتصال بکلية الآداب – جامعة الطائف.

المستخلص

في إطار التحول البنّاء الذي يشهده المجتمع السعودي ويحظى باهتمام إعلاميّ، تبنَّت المملکة العربية السعودية رؤية 2030 لتکون منهجًا وخارطة طريق لها، وحددَت لها مجموعة من الأهداف والتوجهات لتنفيذها، وذلک وفقًا لجدول زمنيٍّ محدَّد، بل ووضع مجموعة من المؤشرات لقياس نتائج الأداء. وبناءً عليه؛ قامت المملکة بإعادة هيکلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة، ويحقق لها الفاعلية بکفاءة وجودة عالية ويرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين وصولًا إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة
 ولقد عکسَت رؤية 2030 التقدير الحقيقي للمرأة السعودية، والتي تهدف إلى رفع نسبة مشارکة المرأة في سوق العمل، والسماح لها أنْ تتبوأ مواقع قيادية مهمة خلال السنوات المقبلة، ومحاولة دعم وتنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمکينها لأخذ فرصتها ضمن برامج للنهوض بالاقتصاد السعودي، کما أنَّ الرؤية تعزز للسعوديات حرية اتخاذ القرارات المهمة في حياتهنَّ، وذلک في ظل تشجيع الحکومة بالتحاق المزيد من النساء بالعمل؛ وهو أمر يمکن أنْ يؤدي إلى ضغط اجتماعيّ من أجل إصلاحات جديدة.کما شملَت رؤية 2030 التصدي للعنف الأسري وتقديم الخدمات لضحاياه، بل تحسين الوعي بالقضية، والعمل على زيادة عدد وحدات حماية ضحايا العنف الأسري، وحلّ ثلاثة أرباع مشاکل العنف الأسري خلال ثلاثة أشهر من تلقّي البلاغات بها.[ii]
ويواجه الإعلام بکل مؤسساته وألوانه وهياکله ومنصّاته مسؤولية تاريخية أمام هذا المشروع الطموح؛ لذا يجب على المؤسسات الإعلامية أنْ تعي حجم هذه المسؤولية، وبما فيها من تحديات، وعليها أنْ تُغيّر کثيرًا من ثقافتها وقناعاتها ومنهاجيتها، حتى تکون شريکًا في التغيير والتحول، وأنْ تملک المرونة الکافية للاعتراف بمواطن الخلل والعمل على حلها. وذلک من خلال وضع أهداف واضحة يسعى الإعلام السعودي لتحقيقها، مع تحديد وسائل التنفيذ وآليات العمل والخطة الزمنية لذلک، وتصبُّ هذه الأهداف في تطوير جميع عناصر العمل الإعلامي بجميع تخصُّصاته وفي کل تفاصيله، بداية من العنصر البشري، مرورًا بالتقنيات، وصولًا لمحتوى إعلامي إبداعيّ لا يقلُّ جودة عمّا تقدمه کبرى المؤسسات الإعلامية الدولية، بل ويتفوق عليها في الشفافية والمهنية وسلامة المقاصد.
لذا؛ يشير مدير عام مرکز إذاعة وتلفزيون الخليح أنَّ هذه المرحلة من عمر المملکة العربية السعودية هي مرحلة استکمال البناء واعادة صياغة الخطط والإستراتيجيات، ومع انطلاق العمل في رؤية 2030 ينبغي للإعلام السعودي إجادة التخطيط لتحقيق تطلعات القيادة والشعب معًا، وعليه أنْ يشمل مساريْن مُهميْن وهما؛ أولًا: رؤية الإعلام وهو برنامج محکم يتم إعداده من خلال وضع أهداف واضحة يسعى الإعلام السعودي لتحقيقها، مع تحديد وسائل التنفيذ وآليات العمل والخطط الزمنية لذلک، ثانيًا: إعلام الرؤية ولا يُقصَد به إظهار ما يتحقق على أرض الواقع، بل أدوار أخرى في مقدمتها الرقابة والنقد والدور التنويري، من خلال ما يُطرح من أفکار ومقترحات
لذا، تسعى الدراسة الحالية للوقوف على مدى وعي الإعلاميين بدورهم في تشکيل الاتجاهات نحو المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030 للمملکة العربية السعودية، وذلک في إطار نظرية المسؤولية الاجتماعية.
النتائج العامة للدراسة :

أکدت نتائج الدراسة اهتمام الإعلاميين السعوديين بمتابعة رؤية 2030 للملکة العربية السعودية وآليات تنفيذها وذلک بنسبة 100%؛ وهو ما يعکس أنَّ موضوع الرؤية يُعدُّ من الشؤون المعرفية التي يهتم بها المجتمع السعودي وعلى رأسهم جمهور الإعلاميين بحکم مکانتهم الاجتماعية، والتي تقتضي إلمامهم بالموضوعات العامة التي تهم الجمهور والمجتمع.
 کما عکسَت نتائج الدراسة اهتمام الإعلاميين السعوديين بشکل عام بتشکيل صورة المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030 للمملکة العربية السعودية وذلک بنسبة 77.9% والتي تتراوح بين الاهتمام بشکل کبير جدا، وبشکل کبير، وبشکل متوسط، مقابل 22.1% للاهتمام القليل أو غير المهتم على الإطلاق، وهذه النسبة تدعو إلى القلق بشأن کيفية إعادة تشکيل صورة المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030 والتي تحتاج إلى المزيد من الاهتمام من جانب الإعلاميين والدعم الکامل لها لتحقيق أهدافها، خاصة أنَّ هذه المرحلة الراهنة هي الفترة التي يعاد فيها صياغة الاتجاهات من جديد نحو المرأة وقضاياها، وتتطلب هذه المرحلة المزيد من الاهتمام حتي تحقق المرأة طموحاتها وأهدافها وفقًا للأهداف المنشودة والمرسومة لها وفقا لرؤية 2030.
ورصدت نتائج الدراسة أسباب اهتمام الإعلاميين بتشکيل صورة المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030، وجاء في مقدمتها: لأنَّ قطاع المرأة تعرض للتهميش لفترات طويلة، ثم لأنها من أهم الموضوعات والأهداف التي تسعى اليها المملکة حاليًا وهو ما يعکس مدى وعي الإعلاميين ودورهم في تشکيل صورة المرأة، وعلى الجانب الآخر جاء أسباب عدم الاهتمام: لأنني أرى اهتماماتي الإعلامية بعيدة عن المرأة وقضاياها، لأنني أرى أنَّ هناک موضوعات أکثر أهمية، وهو ما يعکس  أن بعض الاعلاميين  بحاجة ماسة الي المزيد من الوعي  للوقوف علي دور المراة والتاکيد علي أنها أحد المحاور الأساسية والمهمة للنهوض بالمجتمع  وخاصة ان  المراة  هي التي  تعول عليها بشکل کبير في تحقيق رؤية المملکة 2030.
 أکدت نتائج الدراسة على نتيجة مفاداها أنَّ شبکات التواصل الاجتماعي احتلت مقدمة المصادر التي يعتمد عليها الإعلاميون السعوديون في الحصول على المعلومات حول رؤية 2030 وتداعياتها المختلفة، کما أنها أيضًا في مقدمة الوسائل الإعلامية التي اهتمت بالمرأة بشکل کبير جدًّا، تلاها القنوات التلفزيونية.
 أشارت نتائج الدراسة أنَّ المؤسسات الإعلامية التي ينتمي لها الإعلاميون السعوديون تدعم صورة المرأة بما يتوافق مع رؤية 2030 بدرجة متوسطة، تلاها في المرتبة الثانية بدرجة قليلة، وهذا مؤشر خطير ويدلُّ على أنَّ المؤسسات الإعلامية  تحتاج للمزيد من  الوعي  للتعرف علي الدور المنوط به للمرأة وفق رؤية 2030، ولعلَّ هذه النتيجة السابقة تؤکدها وتعکسها عدم اهتمام المؤسسات بدورات أو ورش عمل للتعرف على کيفية التعامل مع رؤية 2030 وخاصة في مجال المرأة، وهو ما انعکس أيضًا على الإعلاميين وعدم اهتماهم بالالتحاق بدورات تأهيلية لتحسين الأداء المهني بما يتوافق مع رؤية 2030، لذلک کانت النتيجة الطبيعية لکلِّ ما سبق أنَّ الأداء الإعلامي لم يختلف بالشکل المطلوب، وهو ما أکدته الدراسة أنَّ 46.5% يرون أنَّ أداءهم اختلف إلى حد ما، في حين يرى 15% أنه لم يختلف على الإطلاق، وهو يعکس نتيجة مفاداها أنَّ  بعض  المؤسسات الإعلامية  تحتاج لتاهيل کوادرها الإعلامية للمرحلة المهمة التي تمر بها المملکة العربية السعودية  .




 

الكلمات الرئيسية