علاقة الاعتماد على البرامج الدينية بالقنوات الفضائية کمصدر للمعلومات باتجاه الجمهور نحو (خطاب الفتاوى الدينية):

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بکلية الإعلام - جامعة عجمان.

المستخلص

    تتحدد مشکلة هذا البحث في تحليل العلاقة بين مستويات اعتماد عينة من المصريين داخل المجتمع الإماراتي على البرامج الدينية التي تقدمها القنوات الفضائية المصرية واتجاههم نحوها کمصدر من مصادر الفتوى في المسائل الدينية. ويتحدد الاتجاه في ضوء مفاهيم وفرضيات نظرية الاعتماد والتي تذهب إلى أن الاتجاه يتحدد في ضوء التأثيرات المعرفية (الأفکار والمعتقدات) والتأثيرات الوجدانية (الاتجاه الذي يتشکل بناء على الأفکار والمعتقدات) الناتجة عن الاعتماد على وسائل الإعلام کمصدر للمعلومات.
       وتکتسب هذه المشکلة البحثية أهميتها من حالة الجدل التي تثيرها من حين إلى آخر الفتاوى المقدمة عبر البرامج الدينية بالقنوات الفضائية المصرية
وتمثلت أهداف البحث فى:
     يتمثل الهدف الرئيسي لهذا البحث في تحليل العلاقة بين مستويات اعتماد الجمهور على البرامج الدينية ودرجة إيجابية أو سلبية اتجاههم نحو خطاب الفتوى الدينية الذي تقدمه. ويتفرع عن هذا الهدف الرئيسي مجموعة الأهداف التالية:
1- التعرف على مستويات اعتماد الجمهور على البرامج الدينية الفضائية کمصدر للفتاوى الدينية.
2- تحليل العلاقة بين السمات الديموغرافية للشباب ومستويات الاعتماد على البرامج الدينية کمصدر للفتاوى الدينية.
3- تحليل التأثيرات المعرفية الناتجة عن اعتماد الجمهور على البرامج الدينية الفضائية کمصدر للفتاوى.
4- تحليل التأثيرات الوجدانية الناتجة عن اعتماد الجمهور على البرامج الدينية کمصدر للفتاوى.
     من خلال وصف وتحليل النتائج التي انتهت إليها الدراسة الميدانية على عينة قوامها 200 مفردة من مشاهدي برامج الفتوى التليفزيونية نخلص إلى أن المشاهدين يستقبلون المضمون الذي تبثه هذه البرامج کخطاب يرتکن إلى عدد من الثنائيات، أبرزها "ثنائية السؤال والجواب" والتي تمثل الآلية الأساسية التي يعتمد عليها خطاب الفتوى، بهدف الاستجابة لدوافع الاعتماد لدى الجمهور والتي تبلورها ثنائية "الفهم والمعرفة"، وتحدد ثنائية "التماسک والتنوع" قدرة هذا الخطاب على التأثير في المتلقي، فالتماسک الموضوعي والمعلوماتي يمنح خطاب الفتوى قوة تجعله قادراً على منافسة الخطابات التي تقدمها البرامج الأخرى، أما التنوع فيزيد من معدلات اعتماد المشاهدين عليه کمصدر للمعلومات الدينية، في حين تحدد ثنائية "العبادات/ الأحوال الشخصية" قدرة الخطاب على إشباع الاحتياجات المعرفية للمتلقي. وتتمثل أبرز تأثيرات خطاب الفتوى في إطار ثنائية "التأثيرين المعرفي والوجداني"، ويتدخل في زيادة أو تحجيم مستوى التأثير على المتلقي عاملان ثنائيان "کثافة الاعتماد/ کفاءة الأداء داخل الخطاب". هذا ما توصلت إليه الدراسة على المستوى الإجمالي، أما على المستوى التفصيلي فتتحدد أبرز نتائجها على النحو التالي:
1-    يقع أغلب مشاهدي البرامج الدينية على القنوات الفضائية في سياق فئة "متوسطي المشاهدة"، وتعد برامج الفتوى الأکثر تفضيلاً من جانب المشاهدين ضمن منظومة البرامج الدينية. وتعد البرامج الدينية المصدر الأول لتکوين المعارف والحصول على المعلومات المتعلقة بالدين لدى النسبة الغالبة من المشاهدين، استناداً إلى أنها الوسيلة الأيسر والأکثر تفاعلية في الحصول على المعلومة.
2-    يعد دافع "الرغبة في الفهم" الدافع الأهم والأبرز الذي يحرک المشاهدين نحو الاعتماد على برامج الفتوى، وتتسق هذه النتيجة مع طبيعة الخطاب داخل هذه البرامج، حيث تعتمد على طرح الأسئلة وتقديم إجابات عليها. يظهر بعد ذلک "الدافع المعرفي". وتؤشر هذه النتيجة إلى أن الخطاب المستند إلى ثنائية "السؤال/ الجواب" الغالب على برامج الفتاوى يؤدي إلى بلورة منظومة دوافع مشاهدتها ليتصدرها دافعان أساسيان هما : "الفهم والمعرفة"، فالدافعية تتسق دائماً مع طبيعة الخطاب الذي يعکسه المضمون، الأمر الذي يجعل "ثنائية السؤال/ الجواب" الغالبة على خطاب البرامج الدينية متناغمة مع الثنائية الدافعية التي تتشکل من "الفهم/المعرفة".
3-    ما زال خطاب الفتوى داخل البرامج التليفزيونية يتفوق في جماهيريته على الفتاوى التي تقدمها مواقع الانترنت، وکذلک الفتاوى التي تقدمها المؤسسة الرسمية في مصر، والمتمثلة في دار الإفتاء. وتجد هذه النتيجة تفسيرها في إحدى النتائج الأخرى التي توصلت إليها الدراسة حول کفاءة أداء الشخصيات التي تتصدر للفتوى داخل البرامج التليفزيونية. فقد ارتفعت درجات تقييم المشاهدين لکفاءة الأداء، وخصوصاً على مستوى مصداقية مفتي البرنامج، ثم الثقة في المعلومات التي يقدمها، ثم الاطمئنان إلى دقة المعلومات. أضف إلى ذلک مجموعة الإيجابيات التي ذهب أغلب المبحوثين إلى وجودها في برامج الفتوى التليفزيونية، والتي يتصدرها الاعتماد على لغة سهلة وبسيطة، ثم الاعتماد على علماء قادرين على تقديم خطاب متماسک، ثم تنوع المضامين التي يعتمد عليها خطاب الفتوى. وتؤشر هذه النتيجة إلى أن اعتماد خطاب الفتوى داخل البرامج التليفزيونية على ثنائية "التماسک/ التنوع" يعد العنصر الأهم في تعظيم مستوى تنافسية هذه البرامج کمصدر للمعلومات الدينية، مقارنة بالمصادر الأخرى.
4-    في إطار تفضيل المشاهدين لخطاب الفتوى المستند إلى قاعدة التنوع، وجدت الدراسة أن الفتاوى المتعلقة بالأحکام الشرعية الخاصة بالعبادات تتصدر قائمة الاهتمام، يليها الفتاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية، وعلى وجه التحديد الفتاوى التي تخص الأسرة. ما يعني أن ثنائية "العبادات/ الأسرة" هي الأکثر حضوراً في وعي المشاهدين، وتمثل أساساً يستندون إليه في المفاضلة بين خطاب البرامج المختلفة المعنية بتقديم فتاوى دينية. وتجد هذه النتيجة تفسيرها في غلبة "ذهنية التحريم/ التحليل"  على التفکير الديني لنسبة کبيرة من المشاهدين. فالأسئلة التي تطرحها البرامج تدور في إطار هذه الثنائية، ويحکم المشاهد على الشخصية التي تقوم بالفتوى طبقاً للأداء من منظور هذه الثنائية. وفي هذا السياق برز 5 برامج أساسية تفضل النسبة الأکبر من المشاهدين متابعة برامجها، تشمل برنامج "کلمة السر" الذي يقدمه الدکتور مبروک عطية، ثم برنامج "قلوب عامرة" على قناة أون تي في، ثم برنامج "لعلهم يفقهون" الذي يقدمه الداعلية خالد الجندي، ثم برنامج "والله أعلم" الذي يقدمه الدکتور "علي جمعة" ثم برنامج "الموعظة الحسنة" على قناة دريم. ويعني ذلک أن هذه البرامج تقدم –أکثر من غيرها- خطاباً للفتوى يتناغم مع عقلية المشاهد.

الكلمات الرئيسية