نظراً لخطورة الممارسات الإعلامية التي لاتخضع لضوابط فعالة، وبالنظر لکثافة تفاعل الشباب الجامعي مع الإعلام الرقمي وکثرة الشکاوى من قبل المسؤولين والمفکرين بخصوص التجاوزات الأخلاقية لهذا الاستخدام غير المنضبط فإن هذا البحث يرکز على غياب معايير الرقابة الذاتية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وعلاقة ذلک بالانحراف والتجاوز من قبل هؤلاء المستخدمين. تتمثل المشکلة البحثية في محاولة رصد مدى وعي الطلاب- دارسي الإعلام- بأخلاقيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومدى انعکاس ذلک على ممارساتهم الفعلية عند تعاملهم مع وسائل التواصل الاجتماعي وذلک في ضوء الاستعانة بمبادئ نظرية المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام والتي انبثق عنها "دليل أخلاقيات المدونين في وسائل التواصل الاجتماعي" حيث إن طلبة کلية الإعلام يدرسون ضمن المقررات الجامعية الأخلاقيات والتشريعات التي تؤهلهم للعمل بالمجال الإعلامي، إلى حانب دراستهم لمقرر نظريات الإعلام الذي يدرس من خلاله الطلاب النظريات الإعلامية المختلفة وکيفية تطبيقها. ورکزت الباحثة على مفهوم "الوعي" حيث إنه يشتمل على مدى إدراک الطالب للأخلاقيات ومدى الفهم لها وبالتالي يؤثر هذا على أرائه وإتجاهاته والتي بشکل نهائي تقود إلى السلوک الفعلي الذي يتمثل في طريقة تعامل طالب الإعلام مع حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة به، ومدى مراعاة هذه الأخلاقيات والمبادئ في تعامله اليومي مع هذه المواقع. وتمثلت النتائج العامة للدراسة فى : أ- اتفق الطلاب في مجموعات النقاش المرکزة على أهمية الدور الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في حياتهم اليومية وأنها لاتقتصر على الترفيه أو التواصل فقط وإنما يتم الاستفادة منها في الدراسة والعمل بشکل يومي. ب- اظهر من النتائج عدم إدراک الطلاب لوجود قوانين تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة في مصر والتي تم إقرارها من مجلس الشعب في 2018. ج- اتفق الطلاب بشکل عام على جدوى مثل هذه القوانين وفائدتها في حماية المستخدم وخاصة ضد بعض الممارسات الخاطئة لوسائل التواصل الاجتماعي مثل الابتزاز الالکتروني أو اختراق الخصوصية للغير أو نشر الشائعات وإثارة الفتنة الطائفية في المجتمع. د- أظهرت النتائج أن غالبية الطلاب لديهم علم بقوانين الحماية والخصوصية التي توفرها بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوک والانستجرام کتلک القوانين المتعلقة بالتحکم فيمن يرى منشورات الشخص ، والتحکم في إمکانية عمل مشارکة لما يکتب الشخص على حسابه أم لا، بالإضافة إلى قبول الشخص لنشر صورة أو محتوى يذکر فيه اسمه Tagging. ويتفق ذلک مع ما أکدت عليه دراسة (غادة النشار 2018، ص309، 315) التي أوضحت أن غالبية المبحوثين عينة الدراسة بنسبة (59.5%) يمکن وصف فهمهم لإعدادات الأمان على فيسبوک بالمرتفع، وأوضحت الباحثة أن خيارات المستخدمين في التعامل مع المواقف التي تعرضوا فيها لانتهاک خصوصيتهم قد قامت بالأساس على المواجهة الفردية، في ظل غياب استراتيجية جماعية أکثر شمولية يوفرها الموقع أو تضمنها إدارات الخوادم لحماية المستخدمين تلقائياً ودون طلب. وتختلف هذه النتيجة مع دراسة (نايفة عيد 2014، ص 287) إذ توصلت في دراستها إلى أن طلبة السنوات الأکاديمية المتقدمة أکثر وعياً واضطلاعاً بقوانين الحماية على الانترنت من أقرانهم في السنوات الدراسية الأولى، وهو ما اختلف عن نتائج دراستنا التي أوضحت أن طلبة المراحل الدراسية المختلفة (الثانية والثالثة والرابعة) لديهم علم بقوانين الحماية على الانترنت دون وجود تأثير لعامل السنة الدراسية في هذا العنصر. ه- اختلفت أراء الطلاب في مدى تحريهم صدق المعلومة أو الخبر قبل نشره من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، وظهر هذا الاختلاف بين المستويات الدراسية المختلفة إذ أوضح طلبة المستوى الثاني أنهم لايتحرون من مدى دقة المعلومة قبل نشرها، إذ أنهم يقومون بالنشر مباشرة، فيما أوضح طلبة المستوى الثالث أن مدى تحريهم من دقة المعلومة يتوقف على نوع الخبر حيث إذا لم يکن الخبر له أهمية أو ثقل – من وجهة نظرهم- کأخبار النميمة وشائعات المشاهير، فإنهم لايتحرون من دقة المعلومة ، بينما إذا کان الخبر له أهمية فإنهم يتحرون الدقة من مصدر المعلومة أو الخبر قبل نشره ومشارکته. فيما أوضح طلبة المستوى الرابع أنهم يحرصون على تحري الدقة قبل النشر لأي معلومة أو خبر وأنهم يدرکون حق الرد والتصحيح ويتراجعون عن أي خبر أو منشور ثبت لهم عدم صحته أو دقته، کما ظهر إدراکهم للفرق بين الأراء والمعلومات. وبهذا يظهر عامل الخبرة أو السنة الدراسية في تغير مفاهيم الطلبة وإدراکهم لأخلاقيات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي حيث مع السنوات الدراسية الأکبر ثبت اهتمام الطلبة بتحري الدقة والسعي وراء التأکد من دقة الخبر أو المعلومة التي يتناولها الحساب الشخصي لهم. و- اتفق الطلاب في مجموعات النقاش المرکزة على تجاهلهم للشائعات التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتجاهل الحديث عنها أو نشرها مادام أنه لم يتوفر لديهم المصداقية في المصدر الذي قام بنشر هذه المعلومة. وهو ما يتفق مع قواعد الميثاق الأخلاقي للمدونين الذي انبثق من مبادئ نظرية المسئولية الاجتماعية لوسائل الإعلام من حيث تحري مصدر المعلومة قبل نشرها وأيضاً من حيث عدم نشر کل ما من شأنه إثارة الفوضى في المجتمع. وفي هذا السياق ظهر وعي بعض الطلبة بوجود بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تفند الشائعات المختلفة وتنشر الخبر الصحيح المقابل له. ز- ظهر من النتائج وعي الطلبة بأن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر وسائل إعلام عامة وبالتالي يراعي الطلاب قدراً من اللياقة عند استخدام هذه الوسائل حيث يراعي الطلبة أنهم (إعلاميو المستقبل) وبالتالي لابد من مراعاة کل ما سينشر على حساباتهم الاجتماعية التي تمثلهم وتعبر عنهم. ح- اتفق الطلاب على عدم استخدامهم أسماء مستعارة في حساباتهم الاجتماعية. ط- أوضح الطلاب أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تستخدم کوسائل للنقد بشکل مبالغ فيه وغير مبرر ولايکون لشئ ذا قيمة وهو ما يعد من أبرز مساوئ وسائل التواصل الاجتماعي من وجهة نظرهم، وظهر مراعاة الطلبة عند توجيهيهم النقد أن يکون النقد للتصرف أو للفعل الخاطئ وليس لنقد الشخصية ذاتها بالإضافة إلى عدم استخدامهم ألفاظ أو تعابير مسيئة عند توجيه النقد لأحد أو لشخص ما.
عبد المقصود, أماني رضا. (2019). مدى وعي طلبة الإعلام بالضوابط الأخلاقية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. المجلة المصرية لبحوث الأعلام, 2019(68), 309-354. doi: 10.21608/ejsc.2019.86879
MLA
أماني رضا عبد المقصود. "مدى وعي طلبة الإعلام بالضوابط الأخلاقية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي", المجلة المصرية لبحوث الأعلام, 2019, 68, 2019, 309-354. doi: 10.21608/ejsc.2019.86879
HARVARD
عبد المقصود, أماني رضا. (2019). 'مدى وعي طلبة الإعلام بالضوابط الأخلاقية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي', المجلة المصرية لبحوث الأعلام, 2019(68), pp. 309-354. doi: 10.21608/ejsc.2019.86879
VANCOUVER
عبد المقصود, أماني رضا. مدى وعي طلبة الإعلام بالضوابط الأخلاقية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. المجلة المصرية لبحوث الأعلام, 2019; 2019(68): 309-354. doi: 10.21608/ejsc.2019.86879