الاتجاهات الحديثة في بحوث نظريات الإعلام في العالم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

تم ترقيتها بهذا البحث لدرجة أستاذ بقسم الاعلام – کلية الاداب – جامعة المنصورة

المستخلص

   تهدف الدراسة لرصد الاتجاهات الحديثة فى بحوث نظريات الإعلام ، ونظرا لاتساع مدى الدراسة  اعتمدت الباحثة على اسلوب اختيار العينة کرکيزة اساسية لإجراء الدراسة  فقد اعتمدت الدراسة فى تشکيل العينة على أسلوب مرکب ذي بعد ترکيبى ؛ بدلا  من اختيار عدد من الدوريات المتخصصة فى نطاق زمني محدد ‘ وذلک لاتساع نطاق البحث خارج حدود التخصص ؛ ويعود ذلک لطبيعة علم الإعلام کعلم بينى يتزايد تقاطعه مع غيره من العلوم الإنسانية والاجتماعية ، يعد من الممکن دراسة الإعلام باعتباره مجال ذو أطر محددة أو منغلقا على ذاته .
وقد تم تحديد نطاق زمنى للعينة من 2015/1/1 وحتى 2019/5/31 ؛ وذلک لعدد من الأسباب أهمها أن العام 2015 کان عام التغييرات السياسية التي أعلنت بداية تحول عالمى شمل ثورة فى شکل الوسائط الاعلامية واستخداماتها السياسية وتأثيراتها الاجتماعية ‘ فقد وصلنا في 2015 لليوم الذي ساهمت فيه مواقع التواصل الاجتماعي بشکل مباشر وممنهج في اختيار زعيم أقوى دولة في العالم ( الولايات المتحدة الامريکية ) کما وصلنا بعدها للحظة التي أصبح العمل الإعلامي ووسائل الإعلام المستقلة هدفا هشا للتسييس والهجوم من زعماء الدول الديمقراطية .
-       وتکونت العينة من جزئين : عينة غير مباشرة وشملت جميع الدراسات والبحوث التى تم نشرها في النطاق الزمني لعينة الدراسة وذلک لاختيار الجزء الثاني من العينة وهو الجزء المباشر للعينة وشمل (67) دراسة توزعت على (19) دورية صدرت في النطاق الزمني للعينة .
-       وتم تطبيق منهج التحليل الکيفي على العينة المباشرة ؛ وذلک بإخضاع کل دراسة للتحليل النقدى الکيفي بهدف استخلاص الاضافات المعرفية وتحديد إسهاماته فى اتجاهات الحديثة لبحوث نظريات الاعلام  .
-        کما اعتمدت الباحثة في اجراء الدراسة وإطارها العملي للتحليل على ثلاث فرضيات مثلت المحاور الرئيسة للدراسة وهى:                 
أولا: استمرار النسق النظري الخاص بتأثير الإعلام فى تسيد مجال البحث الأکاديمي الاعلامى ،رغم مرور هذا النسق بتحولات کبيرة بسبب تنامي الإعلام الرقمى ، والعلاقة بين استخدام الإعلام والفعل الاقتصادى والسياسى في العالم .
ثانيا: إختفاء مفاهيم أساسية من مکونات  نظريات الإعلام کما نعرفها ، لتحل محلها مفاهيم أخرى أکثر ملائمة لتغيرات البيئة الاعلامية السريعة نحو الرقمية ، مثل التصور الشبکى للعمليات الاعلامية (الحتمية التکنولوجية) ؛ و الوساطة (mediation) ومفاهيم المعيارية .
ثالثا: صحوة الاتجاه النقدي فى بحوث نظريات الاعلام والتى تناولت المجال الأکاديمي الاعلامى بالنقد والتحليل والمراجعة
  وقد توصلت الدراسة الى عدد من النتائج يمکن تلخيصها فيما يلى :
-       انه بالرغم من الإنفجار الرقمي الذي يأبى التوقف منذ بداية الألفية ويتطور بسرعة يصعب ملاحقتها أکاديميًا، وبالرغم من التغيرات السياسية الحادة التي يشهدها العالم بأجمعه، إلا أننا لسنا بصدد أن نفقد النسق النظري التقليدي لتأثيرات الإعلام في المجال الأکاديمي لسببين يلخصان رؤية الباحثة المستقبلية لتطور المعرفة الأکاديمية في دراسات نظريات الإعلام:
أولاً: بالرغم من عمر معظم نظريات تأثيرات الإعلام الذي يمتد عدة عقود ويبدأ من منتصف القرن الماضي، إلا إنها نظريات قيد التطور، تعيد تصور نفسها في البيئة الرقمية الجديدة وتضيف مفاهيم نظرية جديدة تسمح باستيعاب نسبي لتطورات المشهد الإعلامي والسياسي مثل الشبکية والوساطة. وتتوقع الباحثة أن يستمر الاتجاه للشبکية والديناميکية في تغيير ما نعرفه عن نظريات التأثير دون أن نفقد تلک النظريات بالکامل.
ثانيًا: البيئة الإعلامية الرقمية في طور التطور أيضًا، ولم نصل لأي استقرار في علاقة الإعلام الرقمي بالإعلام التقليدي والاتصال الشخصي بعد. کما أن العوامل الهيکلية المُشکلة للسياق السياسي والاقتصادي لعمل وسائط الإعلام لم تحکم سيطرتها على المشهد بالکامل بعد، مما يفتح المجال أمام الکثير من الفرص للبناء على الاتجاهات النقدية الصاعدة والتي تسعى لربط دراسات نظريات الإعلام بسياق عمل الإعلام.
وتتوقع الباحثة نموًا أکثر في اتجاه الدراسات النقدية لما له من ارتباط بالتحول المستمر في علاقة السياق بالإعلام، وعلاقة الإثنين بالذاتية وما يترتب عليها من أشکال مجتمعية مختلفة. ولکن تزايد الوعي بأهمية دراسة النظم الکلية (macro level) لن يعني أن نفقد نظريات التأثيرات أيضًا، فبينما يعيد السياق إنتاج نفسه ليحکم السيطرة على وسائط الإعلام الرقمي، يعني ذلک أن التأثيرات الإعلامية ذاتها التي وجدت في إطار وسائط الإعلام التقليدي ليست في طريقها للاختفاء کما کان يأمل البعض من مناصري حرية الحصول على المعرفة والمعلومات والمحتوى الإعلامي وإنتاجه. ربما يتغير فهمنا لتأثير وضع الأجندة ليصبح أکثر تعقيدًا وليتخذ الشکل الشبکي، إلا أن التأثير نفسه لم يختف، حتى ولو تعقد مساره. ربما کنا نأمل أن يساهم تطور وسائط الإعلام الرقمي في اختفاء البوابات ومعها الحراس، إلا أنه بالرغم من تغير شکل البوابات والتحول الذي لحق بطرق عملها، وبالرغم من تطور فهمنا لمبدأ الحراسة، إلا أن البوابات لم تختف، کما لم يختف الحراس.  وتبقى النظرية ما يبقى التأثير.

الكلمات الرئيسية